السر المكنون والمفتاح المفقود

 

وكأن الرياح تهمس بين الغصون، فأقيس بين صمت الأبد وصوت الحياة. فيسري إليَّ ذكر الخلود وأزمنة انقضت والحاضر الزاهي، فيغمرني البحر الواسع. فيصبح الغرق في هذا المحيط حلاوة. – اللامتناهي، جياكومو ليوباردي.

في العشرين من يوليو، عام ألف وتسعمئة وأربعة وتسعين، وصل إلى جاك دريدا كتاب من موريس بلانشو، فيه يعلن بلانشو: «منذ خمسين عامًا، ذقت سعادة النجاة من الموت بحده». فُجاءة هذا التصريح، يتساءل: لماذا يجد المرء الفرح في التملص من الموت؟ سأعود إلى هذه الرسالة لاحقًا في سياق المقال، حين أستعرض مشكلات الشهادة والسيرة الذاتية، ولكن الآن، أركز على مسألة سعادة بلانشو، التي يمكننا إدراكها من خلال قصيدة ليوباردي «اللامتناهي». هنا، يرى الشاعر نفسه جالسًا على قمة تلة مفضلة، حيث الأفق محجوب بسياج، فيشعر بالأمن خلف هذا السور، ويتخيل المساحة اللامتناهية التي تمتد وراء الأفق، أي، ما يتجاوز إدراكه. يقارن بين خرير السور في الرياح وصوت الصمت اللامتناهي، ويشعر باللذة والخوف من هذه التجربة. ويمكن أن نقارب سعادة بلانشو مع الإحساس بالدوار الذي يعبر عنه الشاعر في «اللامتناهي». يعتقد بلانشو أن الموت هو «أغنى لحظة من المعنى»، ربما لأنه يجيب على السؤال الذي لا نعرفه في الحياة: ماذا يحدث عند الموت؟

في هذا المقال، الذي يتناول حدود الأدب والموت، هناك حديث واسع عن هذا الخوف والإثارة المرتبطة باللامتناهي؛ بما يتضمنه مفهوم اللامتناهي، والحد الذي يجب تجاوزه لدخول اللامتناهي، وهو الموت كحد للحياة. سأركز على «لحظة موتي - The Instant of my Death» لبلانشو و«المسكن - Demeure» لدريدا لأظهر كيف يقدم الموت للأدب لغزًا لا يُمثل؛ السؤال الذي لا يمكن الإجابة عليه، ماذا يحدث في اللحظة التي يتجاوز فيها الإنسان حدود الحياة؟ كما قال فاغنر، الموت «هو لغز لا يزال غير قابل للفهم كما كان عندما جلس الإنسان البدائي بجانب جسد رفيقه الساكن وتفكر في السماء بدهشة».

بدأت هذا المقال بالمقتطف من «اللامتناهي» لليوباردي لأبرز فكرة الاحتمالات اللامتناهية المحيطة بالإجابة على سؤال ما بعد حدود الحياة. ولكن يجب أن يُؤكد أن أي إجابة على هذا السؤال تنتمي إلى عالم الخيال؛ كما سماه بول دي مان، «prosopopoeial» أي «خيال الصوت من وراء القبر». فكرة اللامتناهي يتبناها بلانشو أيضًا في «لحظة موتي»، حيث يصف الراوي لحظة موته كـ «تحرر من الحياة؟ اللامتناهي يفتح؟» وما يثير الاهتمام هو أن الراوي يواجه الموت، لكنه لا يختبر الموت الفعلي، ومع ذلك، تمنحه هذه المواجهة فرصة للتعبير عن رؤية الموت من موقع الحياة.

في «المسكن»، يصف دريدا عنوان بلانشو المختار، «لحظة موتي»، قائلاً إنه «يعدنا بسرد أو شهادة – موقعة من شخص يخبرنا بطرق متعددة وحسب كل الأزمنة الممكنة: أنا ميت، أو سأكون ميتاً في لحظة، أو منذ لحظة كنت سأكون ميتاً».

هنا نقطتان رئيسيتان يجب أن نتناولها؛ أولاً، هل «لحظة موتي» سرد أم شهادة؟ هذا سؤال لا يمكن الجواب عليه بدقة. من جهة، لدينا دليل رسالة كتبها بلانشو إلى دريدا، والتي يؤكد دريدا أنها «لا تنتمي إلى ما نطلق عليه الأدب. إنها شهادة». ومن جهة أخرى، في «لحظة موتي» نُقدم راوياً ينوي، من العنوان، أن يعلن عن موته – وهو، كما ناقشنا سابقاً، ممكن فقط في عوالم الخيال. وهذا يقودنا إلى السؤال التالي: كيف يكتب المرء عن موته إذا نجا منه؟

يلاحظ دريدا أن «نوعاً أساسياً من العمومية» هو أن «المرء يشهد فقط عندما يكون قد عاش طويلاً بعد ما مضى»، وبالنسبة إلى «لحظة موتي»، «ما يجري عبر هذه الشهادة الخيالية هو مفهوم فريد من نوعه لـ'تجربة غير مُختبرة'». الموت هو التجربة التي سيخوضها كل كائن حي، ولكن بما أن المرء لا يستطيع الشهادة على موته لأنه يتجاوز حد الحياة، يصبح الموت بالتالي «تجربة غير مُختبرة» عالمياً. لذا يمكننا فهم سبب اعتقاد بلانشو أن الموت هو «أغنى لحظة من المعنى» – لأن الموت هو ذروة الغموض. لا يمكن للمرء أن يعرف ما يحدث عند موته لأن الموت يعني الانتقال من الحياة، وبالتالي لا يمكن نقل الحالة الحقيقية للميت إلى الأحياء.

ونجد أنفسنا عند حد يمكن للأدب مواجهته فقط من خلال قوى الخيال، بتخيل اللامتناهي الذي يتجاوز إدراكنا – كما هو موضح في قصيدة ليوباردي. وبالتالي، يبقى الموت بعيداً عن أي نص يدعي أنه مصدر الحقيقة، مثل السيرة الذاتية، أو بمعنى آخر، الشهادة، إذ كما يشير دريدا، «في جوهرها، الشهادة دائماً سيرة ذاتية: تخبر، بصيغة المتكلم، السر القابل والمستحيل للمشاركة لما حدث لي، لي، لي وحدي». ولكن لا يمكن أن يكون الأمر أبداً عن ما يحدث لـ«لي وحدي» عند مناقشة موت المرء. في «المسكن» يعلق دريدا على كيف «الموت يعني: أنت ميت بالفعل، في الماضي السحيق، من موت لم يكن لك». يمكن مناقشة الموت فقط من حيث التناقض الذي هو في ذات الوقت أكثر التجارب شمولاً، فكلنا نموت، وفي الوقت نفسه، أكثر التجارب الشخصية تماماً لأنه موتنا الخاص، اللحظة التي لا يمكننا ترجمتها. يمكننا أن نكون شهوداً على موت الآخرين، ولكن أن نقول «أنا ميت» فهذا مستحيل.

الموت الذي يعيشه السارد في «لحظة موتي» ليس بموتٍ جسدي، بل هو انقسام داخلي عن الحياة: «كما لو أن الموت الذي يحدق به، قد صار يصطدم بالموت الذي بداخله». كأنما، يقول دريدا، «الموت الذي أقبل عليه […] ينتظر بلانشو […] ما تبقى له من وجود […] هو هذا السباق نحو الموت، كي لا يرى الموت قادمًا». صعبٌ فهم معنى هذا الانقسام وتعليق دريدا عليه، لأن العقل يقول إن وجودنا مؤسس على هذا السباق نحو الموت، رحلة نحو الموت كجزءٍ جوهري من حياة الإنسان. ولكن ما يثير الاهتمام في تجربة السارد مع الموت في قصة بلانشو هو الموت الذي يشعر به من الداخل، والذي قد نرسم له موازنة هنا لفهم هذا الشعور؛ ففي كتابه «ماذا يحدث عندما تموت؟» جمع أوغست فاغنر مجموعة واسعة من آراء نقاد القرن العشرين حول موضوع الموت. فيه، يعلق هيروارد كارينغتون كيف «عندما يُطلق على إنسان رصاصة في رأسه، نقول إنه 'مات'. أما إذا قطفنا وردة، فلا نقول إن الوردة 'ماتت' حتى تذبل وتفنى». في «لحظة موتي» يمكننا أن نقول إن تجربة الموت الداخلي هذه هي بمثابة «قطف الوردة» مجازيًّا؛ يصف السارد الشعور الفوري بلقائه مع الموت بأنه «خفة استثنائية، نوع من النعيم […] ميت – خالِد. ربما نشوة. بل شعور بالتعاطف مع الإنسانية المعذبة، سعادة عدم الخلود أو الأبدية».

لكن هذا الخلود، يقول دريدا، «لا تعني بأي حال من الأحوال الأبدية […] في هذه اللحظة يمكن أن تكون هناك نشوة، خفة في خلود الموت، سعادة في التعاطف، مشاركة في الفناء، صداقة مع الكائنات المحدودة، في سعادة عدم كونك خالدًا – أو أبديًّا». من خلال مواجهته مع الموت، يفهم سارد بلانشو ضرورة الموت كجزء من التجربة الإنسانية، ورغم أن الموت داخلي للذات، «الظلام في الإنسان» كما قال تينييسون، فهو خارجي لأنه شامل للبشرية. مما يعقد هذه الحدود لتمثيل موت المرء نفسه هو أيضًا حدود اللغة في التعبير عن المشاعر الإنسانية القصوى. في مقدمة «حدود السيرة الذاتية». تؤكد لي غيلمور كيف أن «اللغة تفشل في مواجهة الصدمة […] الصدمة تسخر من اللغة وتواجهها بعجزها». وفي «لحظة موتي» يصف السارد كيف:

بقي، […] الشعور بالخفة الذي لا أستطيع ترجمته: مُتحرر من الحياة؟ الفضاء اللامتناهي ينفتح؟ لا سعادة، ولا بؤس. ولا غياب الخوف وربما الخطوة التي تتجاوز ذلك.

هنا نواجه مجموعة من المشاعر المختلطة؛ خفة، حرية، سعادة، خوف، غياب الخوف. يبدو أن السارد، لعدم قدرته على ترجمة بدقة طبيعة المشاعر التي يختبرها، يكرر شيئًا مشابهًا لما قاله بلانشو في «الأدب وحق الموت»، أن «الأدب إذا تزامن مع لا شيء لبرهة، يصبح فورًا كل شيء، وهذا كل شيء يبدأ في الوجود». لكن - وهنا تكمن المشكلة - بمجرد أن يبدأ هذا كل شيء في الوجود، يجب أن نجد طريقة لتمثيله، لفهمه، لالتقاطه باللغة (ومن ثم الأدب أيضًا، الذي يستند إلى اللغة). ولكن كما هو متأصل في طبيعة اللغة تقويض المعاني الثابتة، ولا يمكن للعقل البشري تصور اللانهاية، التي هي كل شيء ولا شيء في ذات الوقت، فإن استحالة تمثيل الموت أو مواجهة الموت كهيكل أو لحظة واحدة تحدد حدود الأدب باعتباره شيئًا لا يمكنه أبداً استملاك الطبيعة الغامضة للحياة.

فكّر في دانتي، الذي، رغم استخدامه، كما تؤكد لوسيا بولدريني، «ما يقرب من ٢٨٠٠٠ كلمة» من اللغة الإيطالية، ينهي «الكوميديا الإلهية» بالتعليق «كم هي ضعيفة الكلمات وكم هي غير ملائمة لتكوين مفهومي». كان برنامج دانتي «تجاوز الواقع الإدراكي المباشر لقول ما لم يُقال من قبل – للتعبير عن الجديد، الإلهي، غير القابل للوصف». وفي «لحظة موتي» يسعى السارد أيضًا ليقول ما لم يُقال سيرتيةً من قبل، شعور الموت. خفة تجربة الموت الجسدي تقريبًا لكن العودة إلى الحياة في اللحظة الأخيرة، «في تلك اللحظة، عودة مفاجئة إلى العالم […] تحرك الملازم بعيدًا لتقييم الوضع».

يصف السارد في «لحظة موتي» كيف يتذكر "شابًا […] مُنع من الموت نفسه بالموت». ولعل معنى هذا ينطبق على فكرة رولان بارت عن «موت المؤلف». في مقدمتهم لبلانشو، تعقب هاس ولارج على أن «نكتب لكي تبقى كلماتنا بعدنا، حتى نُمنح الخلود في الحضور الأبدي للعمل. لكن هذا 'البقاء بعدنا' له معنى أكثر شناعة وظلامًا. الكلمات تبقى بعدي، لأن وجودي في معناها ليس له قيمة».

في هذا السياق، من خلال فعل الكتابة، يُحكم الكاتب على نفسه بنوع من الموت. هذا يرتبط بفكرة «ولادة القارئ يجب أن تكون على حساب موت المؤلف»، لأن معنى النص الأدبي يتوحد فقط من خلال تفسير القارئ الفرد وفهمه له. وهذه حدية الكتابة التي يعلق عليها بلانشو في «كتابة الكارثة»: «أن تكتب (عن) نفسك هو أن تتوقف عن أن تكون، لتثق في ضيف – الآخر، القارئ – موكلًا إليه من الآن فصاعدًا، أن يكون لديه، وفعلاً كحياة، لا شيء سوى عدم وجودك». لكن هذا الانتقال من المؤلف إلى القارئ يبرز أيضًا الجودة اللامتناهية التي يمتاز بها الأدب؛ كما يشير جون بارت، «الأدب لا يمكن أن يُستنفد أبدًا لأنه لا يوجد نص واحد يمكن أن يُستنفد – 'معناه' يكمن في تفاعله مع القراء الفرديين».

ولكن هذه اللامتناهية ليست مرادفة للحدود اللامتناهية - لأننا، القراء، ما زلنا محدودين بفهمنا الخاص للنص، وكما يقول بارت: «إذا أراد [المؤلف] أن يعبّر عن نفسه، فيجب أن يعرف على الأقل أن 'الشيء الداخلي' الذي يظن أنه 'يترجمه' هو نفسه مجرد قاموس جاهز، وكلماته قابلة للتفسير من خلال كلمات أخرى، وهكذا بلا نهاية...».

يمكن القول إذًا، أن الأدب يقدم لنا نفي الموت كالنهاية النهائية، ولكن اعتماد الموت كانتقال إلى مستوى جديد من الفهم. كما يصرح دريدا في «المعضلة - Aporia»: «عبور الحدود دائمًا ما يعلن عن نفسه وفقًا لحركة معينة من الخطوة […] – والخطوة التي تعبر خطًا». أي، خطوة تعبر الخط وتبقى في الوجود، رغم تغييرها، على الجانب الآخر من هذا الخط. وهذا يظهر في قصة بلانشو حيث يعلق السارد أيضًا: «ولا غياب الخوف وربما الخطوة التي تتجاوز ذلك. أعلم، أتخيل أن هذا الشعور غير القابل للتحليل غير ما تبقى له من وجود».

ربما هذا المفهوم لتجاوز الحد، تجاوز حدود الحياة والأدب، يُعرف الحد المطلق للموت. الإنسانية لا تستطيع فهم أنه بعد الحياة لا يوجد شيء مطلق – لأن حتى عند كتابة لا شيء، سيظل الإنسان يتخيل لا شيء كحالة من الوجود، كمسطح، كفراغ. الأسود، الرمادي، الأبيض. صوت الصمت اللامتناهي الذي يتخيله ليوباردي. حد الموت هو أنه توقف عن الحياة، والموت هو «هذه الحركة التي لا أستطيع فيها دفع الموت بعيدًا عني من خلال نسبته إلى 'الجميع'. بل هنا أكون 'الجميع'، أي أفقد نفسي وأختبر كيف 'يموت المرء'». تمامًا كما في إنتاج عمل أدبي، يؤكد بلانشو، «أتنصل من فكرة إنتاج وتشكيل نفسي؛ أتمثل في شيء خارجي وأُسجل نفسي في استمرارية البشرية المجهولة».

الموت هو حد الإنسانية الذي يمكن للكتابة تجاوزه ولكن فقط من خلال فقدان القدرة على قول 'أنا'، أي تمرير العمل إلى نطاق القارئ – الذي هو في ذات الوقت فردي وعالمي. يمكن القول إذًا، أن حد الأدب وحد الموت هو أحد أسرار الوجود التي لا يمكن بلوغها: الفردية. في الأدب، نُمنح وسيلة لتجاوز غياب الذات في الحياة، الأدب يسمح «بعلاقة مع لغز وجودنا الفردي». ولكن، بمجرد أن يصبح هذا اللغز «مطبوعًا» في اللغة، سواء كان حديثًا أو كتابة، فإنه يُفقد؛ هذا ما يعنيه بلانشو عندما يعلق كيف «عندما أتكلم، يتكلم الموت فيّ. [الكلام] موجود بيننا كالمسافة التي تفصلنا، ولكن هذه المسافة هي أيضًا ما يمنعنا من الانفصال، لأنها تحتوي على شرط كل فهم».

كفرد، يمكنني أن أختبر المشاعر الداخلية والأحاسيس حول حدث أو قطعة أدبية، ولكن بمجرد أن تُعبّر هذه التجارب، وتُسمى، فإنها تفقد جودتها الفردية وتدخل في نطاق مجموعة جاهزة من الكلمات، وكلمات عن الكلمات، عن مشاعر التجارب التي هي في ذات الوقت فردية وعالمية.

في «لحظة موتي»، نجد أن السارد يصف تجربته مع الموت على أنها تولد شعورًا بـ«الخفة»، حيث تنفصل الذات للحظة عن الإنسانية، وكأن المرء يقترب من مواجهة موته الشخصي، ولكن من خلال محاولة التعبير عن هذه اللحظة، يقترب السارد من الحد، العتبة الخطرة، حيث يقول: «أنا حي. لا، أنت ميت».

ميت لأنه قد تخلى عن فرديته من خلال التعبير (أي، موت المؤلف)، وميت لأنه في اللحظة التي كاد فيها أن يُقتل بالرصاص، يعلن السارد أنه بالفعل «ميت – خالد». يُعلق دريدا على هذا قائلاً: «إن [السارد] ميت بالفعل، لأنه صدر حكم [...] عندما يموت المرء، لا يحدث ذلك مرتين، لا يوجد موتان حتى لو مات اثنان [...] أنا لست ميتًا وأنا ميت. في تلك اللحظة أنا خالد لأنني ميت: لا يمكن أن يحدث لي الموت مرة أخرى».

لذلك، من لحظة موت السارد، يدرك حتمية الموت، ويعترف بأن «لحظة موتي منذ ذلك الحين دائمًا في تعليق». يعيدنا هذا إلى صورة الوردة التي تم قطفها والتي ناقشتها سابقًا؛ ما ينتظره السارد الآن هو ذبول الحياة من كيانه. يمكن بالتالي رؤية حد الأدب كحد يعجز عن التعبير عن التفرد المطلق إما في التجربة أو المعنى. وحدّ الموت هو أنه نهاية الحياة التي تلغي أيضًا تجربة التفرد. أما الحد الذي يجمع بين الأدب والموت فهو أن الموت لا يمكن التعبير عنه بالكامل في عوالم الشهادة أو الرواية الذاتية. ما يثير الاهتمام في «لحظة موتي» هو كيف أن هذا اللقاء مع الحد، العتبة الخطرة للحياة، والعودة إلى الحياة، يتيح للسارد رؤية للموت يمكن التعبير عنها في الحياة.

الحياة سرٌّ خفيّ، والموت مفتاحه الذي يفتح الباب، ولكن من يدير المفتاح يغيب في السرِّ إلى الأبد». موريس ميترلينك في كتابه «قبل الصمت الكبير.

المقال التالي المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق